مقال بعنوان: “الفرق بين النفس والروح في القرآن الكريم”
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، وعلى آله وأصحابه أجمعين .
أما بعد…
من العلماء من يعد الروح والنفس شيئًا واحدًا ، لأنَّ النفس ترد في النصوص الشرعية ويُراد بها الروح ، وأحيانا تطلق النفس ويُراد بها الروح والجسد معا ، وهذا من قبيل المجاز وليس الحقيقة ، ونستطيع القول بأن الروح شيء والنفس شيء آخر، مع وجود علاقة وارتباط بينهما على النحو الآتي:
إن النفس تموت لقوله عزَّ وجل ((كل نفس ذائقة الموت)) سورة آل عمران الآية: 185 ، أما الروح فإنها لا تموت ، لأننا لا ندرك كنهها وبالتالي فإنها تصعد إلى بارئها ، أي أنَّ الروح في عالم مجهول بالنسبة لنا .
إنَّ النفس تموت مرتين مرة حين النوم فإذا نام الإنسان قبض الله نفسه ولم يقبض روحه ، حيث إن النائم يتنفس وقلبه ينبض فالنفس يتوفاها الله عزَّ وجل أثناء النوم أي يأخذها ، ثم يُعيدها حين الاستيقاظ أي تعود لتلتصق به لحظة الاستيقاظ، وتتم العملية الربانية بسرعة فائقة يمكن أن تكون أسرع من الضوء ، وهذا مظهر من مظاهر الإعجاز ، وتموت النفس في المرة الثانية حين تفارق الروح الجسد ، فيقول الله تعالى: ((اللهُ يَتَوَفِي الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ التِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأخرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِن فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) سورة الزمر/ الآية:42 ، والمُراد حين موتها أي: حين تفارق الروح الجسد ويقول جلَّ جلاله: ((فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ)) سورة فاطر/ الآية: 32 ، ولم يقل (لروحه) للدلالة أيضًا على أن النفس غير الروح .
وإذا استعرضنا الآيات التي لها علاقة بالقتل نجد أنها مرتبطة بالنفس ، ولم تذكر أيَّ آية لها علاقة بالروح فيقول سبحانه وتعالى: ((وَلَا تَقْتُلُوا النفْسَ التِي حَرَمَ اللهُ إلا بالحق)) سورة الأنعام/الآية: 151 ، وهناك خمسة عشر موضعا في القرآن الكريم يربط القتل بالنفس ، ولا تذكر الروح في هذا المجال حيث إن الروح لا تعرف حقيقتها ولا كنهها فلا يقع عليها القتل وهذا يؤكد أن الروح غير النفس .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم