مقال بعنوان: حفظ العقول مقصد شرعي وضرورة تربوية
إن العقل هو مناط التكريم والتفضيل للإنسان ، وبه يعرف الله ويفهم كلامه ، وبه يميز المرء بين الهدى والضلال ، والخير والشر ، والطيب والخبيث ، لذلك اتفق العقلاء على أن شرط المكلف أن يكون عاقلاً فاهماً للتكليف ، ولحفظ العقل من ناحية الوجود جاءت نصوص الشريعة تحث على العلم والنظر في آيات الله في الكون ، والتفكر فيها بما يعمق الإيمان بالله تعالى ، ولأجل حفظ العقل من جانب العدم درء الشارع المفاسد عنه والمضار اللاحقة به ، فحرم الله السحر والشعوذة والكهانة ، وغيرها مما يتلاعب بالعقل ويزدريه ويعطل طاقاته ، ونهى عن كل ما يضر به ، أو يعطل وظيفته ؛ كالنهي عن المسكرات والمفترات والانحراف الفكري، والنهي عن وسائل اللهو المكثفة ، والمخدرات المتنوعة ، والبث المباشر الذي تسلل للبيوت عن طريق بعض القنوات الفضائية والمواقع الالكترونية ، والنهي عن الاعتداء عليه بأي نوع من أنوع الاعتداء ؛ كالضرب ونحوه ، ولقد جعل الإسلام الدية كاملة في حق من ضرب آخر فأذهب عقله ، وهو شرط في ثبوت الولايات ، وصحة التصرفات ، وأداء العبادات ، والعقل هو قوام كل فعل تتعلق به مصلحة ، فاختلاله يؤدي إلى مفاسد عظيمه فكان بإيجاب الدية أحق من بقية الحواس. وإذا ثبت أهمية حفظ العقل في أمن المجتمع وجب على ولي الأمر أن يحافظ على العقول من مزالق الانحدار من التصورات الفاسدة والأفكار المنحرفة ، إذ أن الأمن على العقول ، لا يقل أهمية عن أمن الأرواح والأموال وحفظها ، فكما أن للأموال سراقا فإن للعقول لصوصاً ومختلسين ، بل أن لصوص العقول أشد خطراً، وأنكى جرحاً من سائر السراق ؛ وليحذر المسلمون أعداء الإسلام ، فإنهم يريدون أن يحيدوا ويميلوا بعقولنا عن توبة الله وصراطه المستقيم فيزعزعوا أمن المجتمع عن طريق الانغماس بالشهوات.