مقال بعنوان : أهمية القراءة والمطالعة
أهمية القراءة والمطالعة
لا يخفى على كل ذي لُب أهمية القراءة و المطالعة والعلم، فهو اول ركيزة في بناء الإنسان السوي العاقل الذي يرجى منه المساعدة في إعمار هذه الأرض.
فقد بدأ نزول القران بكلمة اقرأ حينما كان السائد هو عدم الاهتمام بالقراءة و التعلم، و هذا ما هو الا دليل على ان القراءة مفتاح العلم الذي هو نور الحياة.
قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } سورة العلق
هذه الآيات تحتاج الى الوقوف والتفكر بما تحمله من معاني عظيمة ولاسيما الكلمة الاولى (اقرأ) التي تحث على موضوع من اهم ما يكون وهو العلم والمعرفة والاطلاع لتصبح هذه الآيات بداية منهج رباني يعمر امة ويجعلها من افضل الامم علما واخلاقا وتقدما .
مع ان رسول الله ﷺ لا يقرأ ولا يكتب وقد تحلى بالكثير من الفضائل والاخلاق الحميدة وكان من الممكن ان يتحدث القران الكريم في اولى آياته عن احد هذه الاخلاق العظيمة، لكنه بدأ بـ(إقرأ) فهي مفتاح بناء الامة.
واول الطريق الصحيح لطلب العلم واهم وسائل التعلم هي القراءة.
في وقتنا الحاضر الكتب الورقية والمكتبات العامة والخاصة والجامعية متوافرة، فضلاً عن ذلك المكتبات الالكترونية التي ضمت آلاف الكتب الالكترونية، ورغم التطور التكنولوجي الكبير لا نرى اندفاعا قويا نحو القراءة، فالكتب اصبحت متاحة بصيغ الكترونية مختلفة ، وتوفر العديد من المكتبات الالكترونية كماً هائلاً من الكتب والبحوث العلمية والمجلات الدورية. وهذا ما يجعل العلم متاحا للجميع ومتوافراً أكثر من أي وقت مضى في تاريخ البشرية.
اما النتيجة الحتمية لضعف الاهتمام بالقراءة والاطلاع فهو الجهل والتخلف عن ركب العالم والعلم.
فاليوم مثلا ان سألت مسلما عن الاموال الربوية وكيفية التعامل بها ومسائل البيع وغيرها من اخراج الزكاة ونصابها ومسائل اخرى تشاهد قلة من يعرفها او انها تنحصر في علماء الفقه.
كذلك فيما يخص الاحوال الشخصية فلا علم لاحد بمسألة من حضانة ونسب وغيرها، مثلا مهر المرأة المتأخر قلة من يعرف ان الاصل في المهر جميعه مقدم وقلة من يعلم ان المتأخر هو دين يجب سداده عند اقرب الاجلين (الطلاق، الموت) فلو كان المتأخر مبلغ ضخما وتوفي الزوج وجب استيفاءه من تركته قبل توزيعها؛ لأنه دين يجب سداده وربما لم يتبقَ من تركته شيء بعد سداده، كذلك لا علم للكثير بالجنايات والحدود التي وضعها الله ورسوله ﷺ.
كذلك اذا عدنا الى سير العلماء والصحابة الذي نقلوا لنا هذا الدين العظيم، فمثلا قليل من يعرف اسم النجاشي او انه مات مسلما رحمه الله او انه يعد تابعيا؛ لأنه مات مسلما ولم يلتق برسول الله ﷺ وان عمرو بن العاص رضي الله عنه وهو من اعظم دهاة العرب والصحابة رضوان الله عليهم قد اسلم على يد النجاشي وهنا يكون الصحابي الذي اسلم على يد تابعي وغيرها من الحقائق التاريخية والعلمية والدينية.
تكمن اهمية القراءة في امور عديدة اهمها: زيادة المعرفة والاطلاع، فتح افاق للعقل البشري ، رسوخ العقل، وصفاء الذهن ، اكتشاف المعارف ومواكب التطور العلمي كما تساهم في حل المشكلات والتخلص من التوتر،
كما تساهم القراءة مساهمة كبير في فتح مغاليق العقول وتقبل الاخر والبعد عن العصبية والعنصرية والمذهبية، وتساهم في حل كثير من النزاعات التي سببها الجهل المطبق بتاريخ الامة الاسلامية.
كما لا يمكن نكران أثر القراءة في تقدم الانسان على مستوى الفرد والمجتمع فهي تحدث فارقاً كبيراً في حياة الانسان ،فالإنسان القارئ والمجتمع القارئ مميز بكل اوصافه واسلوب حياته وطريقة عطائه.
و لابد من مراجعة تاريخ نهضة أوربا و العالم الأول اليوم، فلم تنهض و تتقدم إلا بالقراءة و التعلم و الجد و الجهد و توظيف العلم على أرض الواقع و استطاعت غزو العالم أجمع منذ أكثر من 300سنة حتى وقتنا الحاضر و تصدير ثقافتها للعالم كله و صبّه في قوالب تتناسب مع ما ترجوه و تطلبه و جعلت أغلب العالم عبيد لديهم و لا غنى له عنهم، ما جاء هذا إلا بالعلم و الإطلاع و التجربة والصبر.
و ليس المقصود بالقراءة و الإطلاع هو القراءة لغاية القراءة و إنما لما يُرجى من خلف تلك القراءة و الفوائد المستخلصة منها.
لذا لا تقوم امة بغير علم و لا يقوم دولة بغير العلم و لا يقوم دين بغير علم.
ويكفي أن جعل ربنا جل و علا العلم قبل العمل في كل مواضع التنزيل.
هدانا الله و إياكم لاحسن العلم و العمل انه ولي ذلك والقادر عليه.
م.د.اكرام نايف محمد
قسم علوم القران والتربية الاسلامية