مقال بعنوان … انهم امانة
أ.م.د. سنان صادق السعدي
كلية العلوم الاسلامية – قسم العلوم المالية والمصرفية الاسلامية
في بداية كل عام دراسي يشرق علينا املا جديد من أجل الاستمرار في البذل العطاء وذلك الامل هو طلبة المرحلة الاولى، الذين نرى فيهم انفسنا وابنائنا وامتدادنا المستقبلي. فكلنا يعلم ان أهم ركيزة من ركائز وجودنا في العملية التربوية هم الطلبة. لذلك علينا استيعابهم واحتوائهم وتشذيبهم، فهم يحملوا افكار وسلوكيات اثنا عشر عاماً من الدراسة ما قبل دخولهم الجامعة، وهذه السلوكيات التي تتسم بالفوضوية تختلف جذريا عن سلوكيات الحياة الجامعية. اذن هم بحاجة الى استيعاب وتأهيل حتى ينسجموا مع الحياة الجامعية، وعندما نقول استيعابهم لا نقصد الاستيعاب بشكله السطحي المتمثل بالترحيب وتوجيه الاوامر والتعلميات، وانما الاستيعاب بشكل عميق وممنهج والنزول الى مستوياتهم من اجل الارتقاء بهم، فالذي يحدث معهم وانا متاكد انه يحدث دون قصد ومن باب الحرص عليهم، هو الاملاء عليهم والضغط عليهم ومحاولة اداخلهم الى الجو الدراسي بشكل مباشر وذلك من وجهة نظري سوف ياتي بنتائج غير محمودة ولا يمكن من خلالها تتحقيق الاهداف المرجوة. فالاستاذ الناجح هو من ينقذ تلميذا من الفشل ولو بادنى النتائج وليس من يحقق اعلى النتائج مع تلميذ متميز .
علينا بالتحلي بالصبر معهم والعمل على بناء شخصيتهم بما يتناسب مع اعمارهم ومرحلتهم الدراسية، لنصنع منهم جيلا قادرا على حمل الرسالة، فهم خامات جيدة يمكننا التعامل معها واعادة تصنيعها، وان لا نجعل النجاح في الدراسة هدفنا الرئيس فبالنهاية اغلبهم سوف ينجح ويتخرج، وانما فليكن هدفنا هو بناء شخصيتهم كقادة للمستقبل وتحقيق التميز .
المرحلة الاولى سلاح ذو حدين ؟ اما ان تجعلهم يحبون دراستهم وتخصصهم، او عكس ذلك، وهنا فقدنا الابداع الذي نطمح اليه. لذلك علينا ان نجعل المرحلة الاولى للاستيعاب والتأهيل للمراحل التي تليها وعدم الضغط عليهم بالدراسة، وانما نجعلها مرحلة نقاه لتخليصهم من تراكمات اثنا عشر عاما من الفوضى قبل تخرجهم وانتقالهم الى الحياة الجامعية .
بعضهم محبط
من خلال تعاملنا ولسنوات مع طلبة المرحلة الاولى، وجدنا ان عددا غير قليل منهم قد اصيب بالاحباط، لا بل منهم من هو مصدوم، بسبب قبولهم في الكلية او القسم الذي باشروا فيه دون رغبته ،كونهم لم يحققو المعدلات التي تؤهلهم لتحقيق ما كانوا يحلمون به، فالكثير منهم كان يحمل احلام جميلة، والمتمثله بالقبول في كليات افضل من الكليات التي قبلوا فيها، وهنا يبدأ دورنا ؟ وهو كيف علينا التعامل معهم ورأب الصدع الذي حصل بين احلامهم وواقعهم الذين هم فيه، علينا ان نظهر اهتمامنا به، والتعامل معهم تعاملا ابوي واخوي فهم أمانة، وان نجحنا في ذلك فقد قطعنا نصف الطريق، فكلنا قد مررنا بمرحلتهم، وكلنا لا زال يتذكر الاساتذة الذين نحتوا اسمائهم في قلوبنا قبل عقولنا ممن درسونا في مرحلة البكلوريوس، وكيف كنا نبدع في اصعب المواد الدراسية بسبب حبنا لاساتذة تلك المواد، والعكس هو الصحيح. وان نجحنا في كسب محبه طلبتنا كان ذلك مقدمة لجعل طلبتنا يحبون كليتهم وتخصصهم الذي وجدوا انفسهم فيه دون سابق انذار . خاتماً انهم أبنائنا وبناتنا انهم أمانة .