مقال بعنوان : ضوابط العلاقة بين الأستاذ والطالب
ضوابط العلاقة بين الأستاذ والطالب
إنَّ الذي يمعن النظر في دراسة احوال المجتمعات الاسلامية على اختلاف امكنتها واقطارها سيلحظ ما تعانيه هذه المجتمعات من مشاكل ثقافية واقتصادية واجتماعية عديدة ، واذا ما طال التفكير في هذه المشاكل فسوف يرى انها على الرغم من تعددها وتنوعها ترجع الى اسباب اولية رئيسة، ياتي في مقدمتها تخلي المسلمين عن التطبيق الكامل لتعاليم دينهم واحكامه في شؤون الحياة كافة ، وتخلفهم الفكري والتربوي في حاضر حياتهم، فهم ما وقعوا فيما وقعوا فيه من مشاكل وتأخر الا بعد انسلاخهم عن تلك التعاليم ،واهمالهم ما فيها من معاني القوة والعزة ،ومن دعوة الى العلم النافع والعمل الصالح.
وحينما تخلفوا فكريا وعلميا ،وباتوا على التقليد يقتاتون من فتات مناهج الغير ونظمه مهما كانت متناقضة متنافرة مع طبيعة الامة وطبيعة كيانها الاجتماعي والثقافي انطمست معالم هويتهم ،واندثرت بين الحضارات سمات شخصيتهم ،تلك التي كانت شامخة متميزة في عصور ازدهار حضارتهم وتقدمهم ، إن الاهتمام بـ"(اداب العالم والمتعلم ) نظريا وعمليا كان على راس الموضوعات التي اهتم بها علماء الاسلام ومفكروه ، فلقد ادركوا اهمية العنصر الاخلاقي في بناء الحضارات والامم ،وان فقدان هذا العنصر يقوض الحضارة من اصولها ، ويفقدها الجانب الانساني ، وحين تفقد الحضارة شقها الانساني كان ذلك مشروطاً بزوالها وارتدادها للبداوة وحياة الهمجية والانحطاط ، وعليه لابد من الالتزام بالاخلاق المتبادلة بين الاستاذ والطالب ، وإن افضلية الاستاذ وكرامته نابعة اصلا من تكريم الله له ، ويرتبط هذا بعمله وبعلمه ، واخلاصه والتزامه ، وترجمته لعلمه في سلوك واقعي.
إنَّ فاعلية عمل الاستاذ لا يقف عند التدريس فقط ، بل يتعداه الى كثير من الاعمال والانشطة المرتبطة برسالته ودوره ،ولاسيما فيما يتصل كونه فردا في جماعة ،فعليه واجب تجاه ربه ونفسه، وتجاه اقرانه من العلماء ،وتجاه تلاميذه والمستفيدين منه، وتجاه امته والمجتمع الانساني العام.
فهناك ارتباط وثيق بين نوع العلاقة بين الطالب واستاذه ، ودرجة استفادة الطالب من تحصيله الدراسي ، واستمراريته في طلب العلم ، ولقد ادرك المفكرون ان الاستاذ عامل اساس في نجاح عملية التعليم ، وانه من اهم عناصرها ، فالتعليم لا يتم بغير معلم ، وعناصر التعليم تفتقد اهميتها اذا لم يتوافر الاستاذ الصالح الذي ينفث فيها من روحه ، فتصبح ذات اثر وقيمة ، وصلة الطالب بالاستاذ اساسية وضرورية في احداث عملية تعلم سليمة ؛ لأن الاستاذ هو حجر الزاوية في عملية التعليم ، وهو المتولي للقيادة التعليمية والتربوية ، ولذا فان صلة الطالب به يجب ان تكون على مثال طيب ، ومن هذه الاداب :
التبكير في الحضور الى القاعة الدراسية : عادة ما يتضجر الاستاذ من وصول الطلاب متاخرين الى الدرس ، وهذا السلوك من قبل الطالب يتنافى مع اداب السلوك اتجاه الاستاذ ، التي تفرض على الطالب الحضور المبكر والوجود في القاعة قبل الاستاذ، وهذا الامر بحد ذاته يبين حقيقة الطالب ومدى الادب الذي يجب أن يتعامل به الطالب اتجاه استاذه ، وايضا طرح الاسئلة بطريقة علمية غير استفزازية أو محاولة لتقليل من شخصية من يعلمه.
وهذه المقالة أرى فيها أن المجتمع الجامعي يحتاج الى التذكير بتلك الاداب للارتقاء بالمسيرة العلمية التربوية؛ لتكوين جيل يعرف قدر استاذه ومعلمه .
م. مثنى حميد شهاب
قسم الشريعة