✦ الحسين… صهيلُ الدم، ونبوءةُ الثورة ✦
اعظم الله لكم الاجر سيدي صاحب العصر والزمان بذكرى استشهاد ابي الاحرار جدكم الحسين بن علي (عليهما السلام).
الحسينُ(عليه السلام) ليس اسماً يُمرُّ عليه في كتب التأريخ، بل صرخةً خالدة، ونورًا لا يخبو، ومبدأً وُلِد في لهب، ليظلَّ يوقظ في الإنسان جذوة الكرامة.
فهو لم يُردْ موتًا، بل أراد أن يُحيي القيم التي أُعدمت، والضمائر التي نُحرت على موائد الطغاة.
خرج لا بطمعٍ في ملكٍ، ولا رغبةٍ في جاه، بل ليقول للعالم: “ لم أخرج أشِرًا ولا بَطِرًا، ولا مُفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمة جدي ”.
سُفِك دمُ الحسين(عليه السلام) ليحيا به الضمير، وسقط جسدُه على الرمضاء، ليقومَ به الحقُّ من تحت الرماد، فكان موته حياة، وصمته صرخةً لن تنطفئ.
فالحسين(عليه السلام) ليس شهيدًا تُروى قصته، بل آيةً تمشي على وهج الدم، تقرأها الأجيال إذا خانها الزمان.
لم يمتْ الحسين(عليه السلام)، بل استحال في كل ضميرٍ حيٍّ نداءً لا يسكت، وفي كل صرخةِ مظلومٍ جرحًا لا يُشفى.
والحسين(عليه السلام) ليس شخصًا، بل مشروعُ وعيٍ، وصوتُ السماء .
الحسين(عليه السلام) لم يكن ثائرًا ضد حكم، بل كان ثائرًا لأجل الإنسانية.
كان يعلم أن الشهادة ليست موتًا، بل توقيعٌ أبديٌّ على معاهدة الخلاص.
فحين قال: “مثلي لا يُبايع مثله”، كان يرسم خطّ الدم الفاصل بين الكرامة والذل.
في كربلاء، سال الدم، لا ليُسقي التراب فقط، بل ليُسقي الضمائر اليابسة، فتخضرّ أرواحنا بالرفض، وتثمر قلوبنا بالعدل.
فكل جرحٍ نازفٍ في جسد الحسين(عليه السلام)، هو قصيدةٌ كُتبت ببلاغة الصبر، وأبياتُها من نار، وعجزها من نور.
وهو القائل بصمته: “إن الموت بعزّ، خيرٌ من الحياة بذلّ.”
فالحسين(عليه السلام) هو من علّم الدنيا أن الجراح أبلغُ من الخُطب، وأن الدم الصادق يهزم السيف الكاذب، فهو ليس رجلاً عبر التاريخ، بل تاريخٌ مرّ عن طريق رجل.
وها نحنُ، بعد قرون، لا نبكيه فقط… بل نعيشُ بتضحياته ، ونستظلُّ بمبادئه، ونتوضأُ بجراحه حين تتشح الحياة بثوب الظلام.
