مقال بعنوان: اعترافات يفتخر بها الاسلام
في هذا المقال نسجل بعض الاعترافات المهمة لبعض المفكرين وأساتذة البحث حول الاسلام، بطبيعته، ومقوماته وفكره الثاقب، وبساط الحق الذي مده المسلمون على أوسع رقعة في الارض ففرح بها الآخرون، وعبّروا عن سعادتهم لهذا الحال، فكم قرأت أفادتاهم عن عظمة الاسلام، وسر قبوله من قبل الآخرين، إلا أن الاعجاب بمبادئه وسماته السامية تبقى رائدة في جميع الازمان- وهاك بعضاً منها:
يقول الكونت هنري دي كاستري:
( إن المسلمين امتازوا بالمسالمة، وحرية الافكار في المعاملات ومحاسنة المخالفين)، وهذا يحملنا على تصديق ما قاله جوستاف لوبون المؤرخ الفرنسي:
(إن القوة لم تكن عاملاً في نشر القرآن وإن العرب تركوا الذميين أحراراً في أديانهم، فإذا كان بعض النصارى قد أسلموا، واتخذوا العربية لغة لهم، فذلك لما كان يتصف به العرب الغالبون من ضروب العدل الذي لم يكن للناس بمثله عهد، ولما كان عليه الاسلام من السهولة التي لم تعرفها الاديان الاخرى). ويضيف من وصفه للإسلام والمسلمين فيقول (وقد عاملوا أهل سورية ومصر وإسبانيا وكل قطر استولوا عليه بلطف عظيم، تاركين لهم قوانينهم ونظمهم ومعتقداتهم، غير فارضين عليهم سوى جزية زهيدة في مقابل حمايتهم لهم، وحفظ الأمن بينهم، والحق أن الأمم لم تعرف فاتحين رحماء متسامحين مثل العرب).
ويقول المستر (درابر) الامريكي المشهور: (إن المسلمين الأولين في زمن الخلفاء لم يقتصروا في معاملة أهل العلم من النصارى النسطوريين ومن اليهود على مجرد الاحترام، بل فوضوا اليهم كثيراً من الاعمال الجسام، ورقوهم الى مناصب الدولة)
ويقول المؤرخ الشهير المعاصر (ولز): (أنها- أي تعاليم الاسلام-أسست في العالم تقاليد عظيمة للتعامل العادل الكريم، وأنها لتنفخ في الناس روح الكرم والسماحة، كما أنها إنسانية السمة، ممكنة التنفيذ. الى أن يقول في الاسلام: أنه مليء بروح الرفق والسماحة والاخوة)
ويقول السير (مارك سايس) واصفاً إمبراطورية الاسلام في عهد الرشيد (وكان المسيحيون والوثنيون واليهود والمسلمون على السواء يعملون في خدمة الحكومة)
ويقول (أرنولد) وهو يتحدث عن المذاهب الدينية بين الطوائف المسيحية: (ولكن مبادئ التسامح الاسلامي حرمت مثل هذه الاعمال التي تنطوي على الظلم، بل كان المسلمون على خلاف غيرهم إذ يظهر لنا أنهم لم يألوا جهداً في أن يعاملوا كل رعاياهم من المسيحيين بالعدل والقسطاس).
ويقول مؤرخ الحضارة الالماني (جوزييف هيل):
(لم يتهيأ لمُبلّغ أن يصبح سيد عصره وشعبه كما أصبح محمد، ولذلك فأنه من المستحيل كلية أن ندرك تطور الشعب الذي صار بفضل الاسلام حاملاً للحضارة وناشراً لها من غير أن تعرف التعاليم التي كانت تقوده , فأنه بالنظر الى خصوصية التاريخ الأول للإسلام , يستحيل فصل تعاليمه عمن جاء بها. فالعلاقة بين الشخص والتعاليم وبين التعاليم والسياسة. بين السياسة والتقدم الحضاري هي في بناء الاسلام كالحامل والحمل).
ويقول جوليه كستلو ( وماتت روح التسامح في اسبانيا بالقضاء على الاسلام وحل محله روح الخبث ملؤه التعصب الاعمى الذي أشعلته نار القساوسة الكاثوليك لتصبح إسبانيا أسيرة رقهم وعبوديتهم).
ويقول المؤرخ الامريكي لوثروب: (ما كان العرب قط أمة تحب سفك الدماء وترغب في الاستلاب، بل كانوا على الضد من ذلك أمة موهوبة جليلة الاخلاق والسجايا) .
وينقل لنا الاستاذ مصطفى السباعي في كتابه (من روائع حضارتنا) شهادة عن حبر من أحبار النصرانية وهو يتحدث عن الصورة البشعة للروم مقارنة بالصورة الحسنة للمسلمين والاسلام عموماً، تحدث بطريرك انطاكية ميخائيل الأكبر وقد عاش في النصف الثاني من القرن الثاني عشر- عن تسامح المسلمين واضطهاد الروم للكنائس الشرقية: ( وهذا هو السبب في أن إله الانتقام الذي تفرد بالقوة والجبروت والذي يديل دولة البشر كما يشاء فيؤتيها من يشاء ويرفع الوضيع، لما رأى شرور الروم الذين لجأوا الى القوة فنهبوا كنائسنا وسلبوا ديارنا، أرسل أبناء اسماعيل (العرب) من الجنوب ليخلصنا على أيديهم من قبضة الروم. ولما أسلمت المدن للعرب خصص هؤلاء لكل طائفة الكنائس التي وجدت في حوزتها وأن نجد أنفسنا في أمن وسلام)).
لكن المهم من هذا كله هو ما الذي يستفيده المسلم وهو يقرأ مثل هذه الأقوال؟ وعنده القرآن هو خير الكلام وأصدقه وهو كلام الله تعالى- أو سنة النبي صلى الله عليه وسلم. الحقيقة أننا بحاجة لمثل هذه الشهادات فهي تمثل لنا صورة هادفة من صميم تلك المجتمعات عن الحالة التي يعيشها عامة الناس والطبقة المثقفة فيهم، فالشبهات مثلاً التي تثار حول المسلمين بين الحين وأخرى نستطيع أن نعلن وعلى رأس أكبر العقول فيهم أن هذا الامر غير صحيح وفيه مهاترة، بالإضافة الى الردود العقلانية لقادة الفكر الاسلامي، بحق الاسلام، كما أنها نقطة نسجلها عليهم- القوى المعادية للإسلام- ونقول لهم إذا ما حاولوا إثارة الشكوك بأصالة هذا الدين العظيم، أليس ما قاله هؤلاء يعد خطوة جبارة في طريق الحق؟ والحق يجب أن يقال، أو أن ما تزعمونه حولنا من همجية وتخلف وعدم صلاحية الدين لتمشية أحوال الناس، كلام باطل لا صحة له. وبالتالي فأن المنصف والعاقل إذا أبصر الحقيقة فليس له خيار بالتجافي والتعافي عنها، لأنه يصبح عندها إنساناً بلا عقل ومن لا عقل له فليس له حياة، ومن لا حياة له كيف يصف نفسه بالمدنية والتحضر، وما أحسن ما قيل: من فمك أدينك. وأترك القارئ يتأمل بما نقلنا عن المفكرين والباحثين والمنصفين بحق أنفسهم وأنهم قالوا كلمة حق، وبحق اسلامنا.
م.م عمار ابراهيم صالح
قسم العقيدة والفكر الاسلامي