مقال بعنوان : الابتزاز الإلكتروني وحكمه في الإسلام
إن الابتزاز الإلكتروني غير محدد حيث أن كل ابتزاز إلكتروني له الشكل والصورة الخاصة به، فإن الابتزاز الإلكتروني بشكل عام هو عبارة عن قيام أحد الأشخاص أو العصابات بتهديد شخص ما بأن يقوم بنشر له بعض الصور أو الفيديوهات الفاضحة أو الغير لائقة في حال ما إن لم يقم بالأشياء التي يطلبها منه وهذا ما يسمى الابتزاز بالصور. هناك الابتزاز بالمعلومات فإن بعض الأشخاص يقوموا بالدخول على موقع إلكتروني خاص بشركة، أو شخص ما والحصول على الكثير من المعلومات السرية الهامة والمقايضة عليها، وهذا من أخطر أنواع الابتزاز التي تؤثر على الاقتصاد ولها مخاطر على الشركات والمؤسسات بشكل كبير، يمكن للمُبتز أن يطلب من الضحية إرسال له المال في مقابل عدم تنفيذ تهديده. وهناك بعض الحالات التي يتم فيها عمل ابتزاز لشخص لكي يقوم بفعل سواء كان مخالف للقانون أو غير مخالف للقانون. وهناك في بعض أنواع الابتزاز الإلكتروني يقوم المجرم بطلب من الضحية إرسال فيديوهات أو صور إباحية. أو القيام بأفعال منافية للأخلاق مقابل عدم تنفيذ تهديده.
هل يوجد لجرائم الابتزاز الإلكتروني أصل شرعاً؟
يتساءل الكثير هل يوجد أصل لجرائم الابتزاز في الفقه الإسلامي؟!، نعم، فديننا يصلح للحياة جميعاً، قال الله في كتابه العزيز {ولا تجسسوا}، حيث نهانا الله عن التجسس على الآخر، أو تتبع أخباره، فهذا لا يجوز في الاسلام، حتى ولو كان من أجل المصلحة، وهنا نجد حرص الاسلام على احترام الخصوصية، وتحريم أي انتهاك لها، حتى لو كان من أجل مصلحة .
وفي خطبة للرسول صلّى الله عليه وسلم، فقد قال (يا معشرَ المسلمين من أسلم بِلِسانه ولم يُفضِ الإيمانُ إلى قلبه، لا تُؤذوا المسلمين، ولا تعيِّروهم، ولا تتَّبعوا عَوراتهم؛ فإنّه من تتبَّع عَورةَ أخيه المسلِم تتبَّع الله عَورتَه، ومن تتبَّع الله عَورَته يَفضَحه ولو في جوفِ رحلِه)، وهنا نهي واضح عن تتبع عورات الناس، وتصيّد أخطائهم، ومن ثمّ ابتزازهم، فقد أصبح حال عالمنا العربي اليوم لا يرثى له، من كثرة ما انتهكت خصوصيات، واحترقت أرواح، خوفاً من الفضيحة، فهذه الجريمة البشعة، قد هدمت الكثير من البيوت، ودمرت الكثير من الفتيات، وبرغم تعدد صور الابتزاز، وكثرة ضحاياه إلا أن كيفية التعامل معها وطرق مواجهتها، لازالت فيها خوف وتراجع شديدين، مما أدى إلى استفحال هذه الجريمة أكثر.
حكم الابتزاز في الإسلام
والفتاوى المتعددة التي تقضي بتحريم الابتزاز بكل أنواعه فإن حكم الابتزاز في الاسلام هو التحريم والتجريم فإنه فعل منافي لكل ما جاءت به تعاليم الإسلام السامية التي تقتضي بأن المسلم لا يروع أو يخوف أحد، والابتزاز الإلكتروني هو أحد أنواع الابتزاز التي من خلالها يتم ترويع الأشخاص وتهديدهم بنشر أشياء قد تسيء لهم.
والرسول صلى الله عليه وسلم نهى بشكل صريح ومباشر عن ترويع المؤمن وتهديده أو تخويفه بأي شكل من الأشكال، حيث جاء عنه أنه قال (لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً) رواه أبو داود، فإن التخويف والتهديد يؤثر على حياة الفرد بشكل كبير سواء من الناحية النفسية أو من الناحية الاجتماعية، وأن المُبتز يستغل ذلك الأمر للتأثير على تصرفات الضحية وإرادته، فالابتزاز الإلكتروني جرم يرتكبه الإنسان عن طريق التهديد والإكراه، وهو معصية ذات إثم كبير تصل إلى كونها كبيرة من الكبائر، جاءت الشريعة بحفظ الضرورات الخمس: (الدين والنفس والعرض والعقل والمال).
أ.م.د طه ياس خضير
جامعة ديالى
كلية العلوم الإسلامية
قسم علوم القرآن والتربية الاسلامية