مقال بعنوان: أسباب الفوضى في الافتاء
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الغر الميامين، أما بعد:
فإن فوضى الافتاء التي تشهدها الأمة الاسلامية اليوم أسهمت وبشكل كبير في انتاج فتاوى شاذة، ومفاهيم خاطئة، لأحكام الشريعة الاسلامية، مما أدى بدوره الى التأثير سلبا على استقرار الأسر والمجتمعات، وشيوع القتل والارهاب والتكفير الذي تعاني منه شعوب المنطقة.
ان تصدي الجهال للفتوى، الفاقدين للحد الأدنى من العلم الفقهي فيمن يتصدر للفتوى، مع افتقارهم للملكة الفقهية، والفهم السديد، والمقاصد الحقيقية لمراد الشارع منها، يضاف الى ذلك ما يعتريهم من حب الظهور والسعي الى الشهرة، وتحكيم الأهواء، كل هذا اذا لازمه ضيق الأفق، والقصور عن الاحاطة بفقه الواقع، وادراك لمتغيرات العصر وأحوال الناس، سيؤدي الى نتيجة حتمية، هي هذه الفتاوى المتسرعة والمشوهة التي نسمعها كل يوم هنا وهناك، والتي تساهم بلا شك في تشويه صورة الاسلام والمسلمين.
أهم الأسباب التي أدت الى انتشار هذه الظاهرة:
- عدم استشعار مسؤولية الفتوى وما يترتب عليها، فيسأل أحدهم عن مسألة معينة ويشاهده الملايين من البشر، ومع ذلك يجيب مباشرة، ولو عرضت مسألته على عمر رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر.
- 2- افتقار من يتصدى للفتوى الى الملكة الفقهية، والفهم السديد، والمقاصد الحقيقية لمراد الشارع، وهو ما يعارض منهج العلم الشرعي، الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (يرث هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين، وتحريف الغالين).
- تحكيم الاهواء والجري وراء الاطماع والنزوات، وهذا دأب من تجرؤوا على الفتوى، واعتبروها سلعة، يروجون بها لأهوائهم، وأغراضهم الخادمة لمصالحهم الشخصية، وسياسات جماعاتهم، وطموحاتهم الذاتية البعيدة عن الاخلاص للدين، والعمل على نشر العلم الصحيح، قال تعالى: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون)
بقلم: أ.د قاسم ناصر الزيدي