مقال بعنوان: ميلاد النبي صل الله عليه وسلم حَدَثٌ غَيّر معالم الحياة وصَحّح مسار البشرية
يستعيد المسلمون في ذكرى المولد النبوي الشريف الأحداث الخالدة التي بدلت معالم الحياة وغيرت مجرى التاريخ بولادة النور والهدى حيث كان مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ايذانا بميلاد جديد للإنسانية تشعر فيه بالكرامة والعزة وتنفض عن كاهلها غبار السنين ومخلفات الماضي ورواسب الجاهلية والظلم والطغيان الذي خلفته الانحرافات والضلالات التي عانت منها طويلا قبل البعثة المحمدية فقد كانت الحالة الاجتماعية والعقائدية الدينية في الجزيرة العربية وما حولها بائسة وقاتمه وكان الظلم قد استشرى والطغيان قد استحكم والعقول قد تحجرت وضلت وعبدت الأوثان من دون الله وكان العالم ينتظر المصلح ويترقب المنقذ ويتلهف للهادي الذي سيقود البشرية الى طريق الحق والهدى وسلم المجد والكمال وولد رسول الهدى وجاء المصلح للعالم، وبعث رسول الله وجاء الى الناس في قيظ الحياة، ففك قيد العقول وحررها وأضاء مسارب النفوس ونور الضمائر، وطهرها بتعاليمه السماوية وتوجيهاته العالية وعقيدته الصافية «قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم».«لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين»، «لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم».
لقد غرس محمد صلى الله عليه وسلم الخير في النفوس والفضائل في القلوب، وقلع جذور الشرك واجتث عروق الجاهلية ونادى ان «لا إله إلا الله». وأشرقت شمس النبوة وانتشر النور وأضاء العالم بهذا الدين الجديد والدعوة الجديدة. قال الله تعالى في بيان منـزلته العظيمة وصفاته الكريمة «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً * وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً» (الأحزاب 45 – 48). وكان النبي صلى الله عليه وسلم أكرم الناس خُلقاً، قال تعالى «وإنَّك لعلى خُلُقٍ عظيم»، وقال تعالى «فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك». وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما – قال: لم يكن النبي فاحشاً ولا متفحشاً وكان يقول: إنَّ مِنْ خيارِكم أحسنِكم أخلاقاً. كما كان كاملاً في شجاعته عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله أحسنَ الناس، وكان أجودَ الناس، وكان أشجعَ الناس. وكان أعلمَ الناس بالله وأشدَّهم له خشية، كما في حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال النبي: أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له.
ولرسول الله علينا من الحقوق الكثير، فمن حقوقه طاعته واتِّباعه واتِّباع ما جاء به من عند الله تعالى قال تعالى: «قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ». ومن حقوقه علينا الإيمان به وأنه رسول الله حقاً أرسله الله إلى الإنس والجن بشيراً ونذيراً، والإيمان بعصمته فيما بلَّغه عن ربِّه تعالى وأنه خاتم النبيين وأنه قد بلَّغ رسالته على أكمل الوجوه. ومن حقوقه وجوب تعزيره؛ أي نصرته وتوقيره والتأدب معه، وألا نرضى عليه السوء ونبغض كل من يتعرض له أو يسبه ولو كان أقرب قريب، وصل الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله الطبين الطاهين واصحابه الغر الميامين وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
أ.م.د اسد محمد أسد
قسم الشريعة
