مقال بعنوان : من آداب قراءة القرآن الكريم
مقال بعنوان : من آداب قراءة القرآن الكريم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد .
فهناك آداب لقراءة القرآن الكريم ينبغي على المسلم أن يراعيها، ويتخلّق بها لينتفع بها ويبلغ رضا الله عز وجل، وقراءة القرآن لها فضل عظيم، فهو نور يضيء دروبنا بالإيمان، ونرفع به درجاتنا، فإنّ لقارئ القرآن الأجر العظيم من عند الله سبحانه وتعالى وقد روي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ». أخرجه البخارى.
ومن هذه الآدآب إخلاص النية لله -عزّ وجل- عند قراءة القرآن الكريم
يجب على القارئ الإخلاص ، فينبغي أن يستحضرَ في نفسه أنه يناجي الله – تعالى.
،و الطهارة ، ويستحبُّ أن تكون القراءة في مكان نظيف مختار؛ ولهذا استحبَّ جماعة من العلماء القراءة في المسجد؛ لكونه جامعًا للنظافة وشرف البقعة، ومحصلاً لفضيلة أخرى وهي الاعتكاف، فإنه يفضل لكل جالسٍ في المسجد الاعتكاف، سواء أكثر في جلوسه أو أقل، كما يفضل أيضا عند دخوله المسجد أن ينوي الاعتكاف، وهذا أدبٌ ينبغي أن يُعتنَى به، ويشاع ذكره، ويعرفه الصغار والعوام؛ فإنه مما يُغفَلُ عنه.
كما يستحب للقارئ في غير الصلاة أن يستقبلَ القبلة، ويجلس متخشعًا بسكينة ووقار، مطرقًا رأسه، ويكون جلوسُه وحدَه في تحسين أدبه وخضوعه كجلوسه بين يدي معلِّمه، فهذا هو الأكمل، ولو قرأ قائمًا، أو مضطجعًا، أو في فراشه، أو على غير ذلك من الأحوال جاز، وله أجر، ولكن دون الأول.
فإن أراد الشروع في القراءة استعاذ، فقال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، أو يزيد: من همزه ونفخه ونفثه.
وينبغي أن يحافظ على قراءة “بسم الله الرحمن الرحيم” في أول كل سورة، سوى سورة براءة؛ فإن أكثر العلماء قالوا: إنها آية حيث كتبت في المصحف.
فإذا شرع في القراءة، فليكن شأنه الخشوع والتدبر عند القراءة، والدلائل عليه أكثر من أن تحصر، وأشهر وأظهر من أن تُذكَر، فهو المقصود المطلوب، وبه تنشرح الصدور، وتستنير القلوب ، فإذا مرّ بآية من آيات العذاب، استعاذ بالله من شر العذاب؛ فيقول: «اللهم أني أسألك العافية»، وإذا مرّ بآية تنزيه نزه الله؛ فيقول: «سبحان الله، أو تبارك الله وتعالى». ، تعظيم القرآن الكريم بتجنب الحديث أثناء تلاوته، وتجنب النظر إلى ما يشتت الذهن ، وقراءة القرآن الكريم من المصحف أفضل من قراءته غيبًا؛ لأن النظر في المصحف عبادة يؤجر عليها القارئ؛ إذ تجتمع القراءة والنظر.
كما ينبغي أن يرتل قراءته؛ قال -تعالى-: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]؛ لأن ذلك أقرب إلى التوقير والاحترام، وأشد تأثيرًا في القلب، وقد نُهِي عن الإفراط في الإسراع، وهو الذي يسمَّى بالهذرمة.
كما يجب احترام القرآن وتعظيمه وتوقيره، والحذر من أمور قد يتساهلُ فيها بعض الغافلين، وخصوصًا إذا كانوا مجتمعين، فمن ذلك اجتناب الضحك، واللغط، والمِزاح ، كما ويجب ترك الحديث أثناء قراءة القرآن واستماعه، إلا كلامًا يضطر إليه ، كما يجب الحذر من العبث باليد وغيرها؛ فإنك تناجي ربك – تبارك وتعالى – فلا تعبث بين يديه كما وينبغي الحذر من النظر إلى ما يلهي ويبدِّد الذهن.
,البكاء حالَ القراءة حالُ العارفين، وشعار عباد الله الصالحين، وهو مستحبٌّ مع القراءة وعندها، وطريقة تحصيله أن يحضر قلبه الحزن، بأن يتأمل ما فيه من التهديد الوعيد الشديد، والمواثيق والعهود، ثم يتأمل تقصيره في ذلك، فإن لم يحضره حزن وبكاء كما يحضر الخواص، فليبكِ على فَقْدِ ذلك؛ فإنه من أعظم المصائب.
هذه بعض الآداب التي ينبغي مراعاتها لقارئ القرآن نسأل الله ان يكتبنا منهم وان يجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أ.د. جبار عبد الوهاب سعود
قسم علوم القرآن والتربية الاسلامية