مقال بعنوان: حجية التسجيل الصوتي في الاثبات الجنائي
مقال بعنوان: حجية التسجيل الصوتي في الاثبات الجنائي
لكل شخص نبرة صوت تميزه عن الآخرين , حيث لا يوجد شخصان متطابقان في الامواج الصوتية التي تبعث منهما, وكما ان هنالك بصمة اصابع اليدين وبصمة للعينين فهناك ما يصطلح على تسميته بـ (بصمة الصوت) التي من خلالها يمكن تمييز شخص ما عن اشخاص اخرين , ويشهد الاثبات الجنائي جدلا" مستمرا" حول حجية التسجيل الصوتي في اثبات الجرائم ونسبتها الى المتهمين في ارتكابها , ومن اولى العقبات التي تواجه مشروعية الاثبات بالنسبة للتسجيل الصوتي هو ما ذهب اليه الفقهاء الذين يعارضون الاثبات من خلال التسجيل الصوتي, فهم يرون ان تسجيل صوت الشخص دون علمه يعتبر خرقا" واضحا" للحق في الخصوصية وشكلا" من اشكال التلصص الفاضح على سرية احاديثه, خاصة عندما تجري التسجيلات دون علمه الشخصي , في حين يرى جانب اخر من الفقهاء ان حماية امن المجتمع والتوصل الى مرتكبي الجرائم اولى من حماية خصوصية الفرد, وان حرية الفرد يجب ان تنحني امام المصلحة العامة .
ان الواقع العملي في العراق يميل الى الاتجاه الفقهي الثاني حيث ان محاكم الجزاء تستند في اثبات الجرائم التي تنظرها الى ما يقدم امامها من تسجيلات صوتية لأصوات سجلت استنادا" الى قرارات مسبقة صادرة من هذه المحاكم أو بناءا" على ما يقدم امامها من ذوي العلاقة بحسب الاحوال , غير ان الاثبات من خلال التسجيل الصوتي في العراق يخضع لمجموعة ضوابط قانونية وفنية ومنها ان يكون التسجيل قد جرى بأمر قضائي من المحكمة وان لا يكون التسجيل قد تم باستخدام وسيلة من وسائل الإكراه , اما الضوابط الفنية فهي ان يكون التسجيل الصوتي خاليها من التلاعب والاضافة وان يثبت عائديه التسجيل الى شخص المتهم من خلال ارساله الى خبراء الادلة الجنائية لأجراء المضاهاة والمطابقة الصوتية بموجب تقرير فني معد من قبل خبراء مختصين .
ومما تجدر اليه الاشارة ان الاستناد للتسجيلات الصوتية وافراغ محتواها يتم بموجب محاضر اصولية تعتبر من ضمن اجراءات التفتيش التي نص عليها قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي بحثا" عن ادلة الجريمة في المادة (74) التي اجازت لقاضي التحقيق ان يطلب من اي شخص تقديم ما لديه من اشياء او اوراق اذا كانت تفيد التحقيق, والمادة (75) التي اجازت ايضا" لقاضي التحقيق تفتيش الاشخاص والاشياء والاماكن بحثا" عن ادلة الجريمة . علما" ان التسجيل الصوتي لا يعتبر دليلا" كافيا" للأثبات من حيث القوة الثبوتية كاعتراف المتهم او شهادة الشهود او المستندات الرسمية حسب نص المادة (213) اصولية .
م. احمد حسين سلمان
قسم علوم القرآن والتربية الاسلامية