مقال بعنوان :الصدقة وفضلها
مقال بعنوان :الصدقة وفضلها
الحمد لله الذي اصطفى لمحبته الأخيار، فصرف قلوبهم إلى طاعته ومرضاته آناء الليل وأطراف النهار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مقلب القلوب والأبصار، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله المصطفى المختار، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الأطهار، وعلى جميع أصحابه الأخيار، ومن سار على نهجهم ما أظلم الليل وأضاء النهار.
أنّ الصدقة من أحبّ الأعمال إلى الله تعالى، وتدلُّ على نفسٍ مؤمنة بالله وتُحبّ عمل الخير، فالصدقة لا تخرج إلّا من شخصٍ لديه حبّ العطاء للآخرين، والرغبة بالأجر والثواب من الله تعالى، ولهذا خصص الله تعالى لها الكثير من الأجر والثواب، فهي تُطفئ غضب الله تعالى، وتجعله راضيًا عن صاحبها، كما أنّها تدفع البلايا وتمحو الذنوب والخطايا، وهي بمثابة النور الذي يدفع بالظلام ويُزيله، لأنّ الصدقة تُدخل الفرح والسرور إلى نفس من يأخذها، وتأخذ عنه حملًا ثقيلًا، وتُساهم في تحسين حياته، خصوصًا إن كانت هذه الصدقة مجزية، وكلما كانت الصدقة أكثر كان ثوابها أكبر، لهذا يجب الحرص على أدائها في كلّ وقت.
ومن فضل الله تعالى وكرمه على عباده أنْ جعل أبواب الصدقة كثيرة، ولم تقتصر على تقديم الأموال والمواد العينية فقط، بل يُمكن للعبد أن يُقدّم صدقة حتى بالكلمة والابتسامة، فالكلمة الطيبة والنصيحة الصادقة صدقة، وكذلك تبسّم العبد في وجه أخيه المسلم صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، ومساعدة الآخرين بالأعمال صدقة، وغيرها الكثير من أبواب الصدقة المتاح فعلها من قبل الجميع، وقد ورد في فضل الصدقة الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحثّ عليها، بالإضافة إلى ما ورد في القرآن الكريم عن الصدقة وفضلها، حتى أن الله تعالى ذكر في القرآن الكريم كيف أن الميّت يتمنى لو تعود الروح إليه ليرجع ويتصدّق، إذ يقول الله تعالى في محكم التنزيل: ( وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ) [سورة المنافقون: آية 10]، وهذا دليلٌ قاطع على أنّ أكثر ما يتمناه الإنسان عند موته من فعل الخير هو الصدقة , لأنّها عظيمة الفضل والأجر، ولهذا يجب على كل شخصٍ أن يحرص على الصدقة في كلّ وقت وقدر استطاعته.
ومن فضل الصدقة أنّها تزيد من التكافل بين أبناء المجتمع، وتقلل الفجوة بين الفقراء والأغنياء، لأنها تُتيح إعطاء الأموال من الغني إلى الفقير، وهذا يُحسن من ظروف الآخرين، ويجعلهم أكثر قدرة على تلبية احتياجاتهم، علمًا أن الصدقة لا تكون بالكثرة، إنما يُمكن التصدّق بأي شيءٍ، فالصدقة مهما كانت قليلة إلّا أنّ أثرها كبير لمن يحتاجها، ومن الضروري جدًا التصدّق في كلّ وقت، وإن لم يجد الإنسان ما يتصدّق به فيمكن أن يتصدّق دون دفع المال، وذلك بصلاة الضحى التي تُجزئ عن الصدقة، فمجالات الصدقة الكثيرة لم تدع أي حجة لأي شخص أن يمتنع عنها.
الاسـتـاذ الـدكـتــور
مصطفى هذال خميس المجمعي
كـليــة الـعـــلــوم الإســـلامــيــة
قسم علوم القرآن والتربية الاسلامية