مقال بعنوان: كلمات في الصديق
مقال بعنوان: كلمات في الصديق
كم هو محظوظ ذلك الشخص الذي يستطيع أن ينجح في اكتساب صديقٍ حقيقي يُرافقه ويقف إلى جانبه في أفراحهِ وأتراحه طوال مدة حياته.
فعن الإمام عَلِيٌّ (عليه السلام) قال :(( عَلَيْكُمْ بِالْإِخْوَانِ فَإِنَّهُمْ عُدَّةُ في الدُّنْيَا وَالآخرة، أَلَا تَسْمَعُون إِلَى قَوْلِ أَهْلِ النَّارِ : {فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} )).
وقيل في الصديق : رُبَّ صديق أودُّ من شقيق! ، وعن بعض الحكماء أنه سُئل عن الصديق فقال : اسم لا معنى له.
فالأصدقاء هم تعويض إلهي عن الأقارب كما يقول واين داير، ولكي تنجح أنت في اختيار الصديق الحقيقي عليك أن تبحث عن مجموعة من الصفات المهمة التي تتوافر فيه والتي سنعرفك عليها في هذا المقال :
فالصديق هو الذي يحرص على التعامل مع صديقه بكل صدقٍ وصراحةٍ تامة بعيداً عن مختلف أشكال النفاق والكذب وذلك؛ لأنّ الصداقة الحقيقيّة تُبنى بالصدق وتُهدم بالكذب.
وهو الذي يُحافظ على استمرار الصداقة وتوافقها حتّى وإن كانت الآراء والمواقف لا تتناسب مع آراء صديقهِ ومواقفهِ، فهو لا ينظر إلى انتماءات صديقه ، ولا إلى آرائه ، بل ينظر إلى أخلاقهِ وصفاتهِ العامة فقط.
ولا يستطيع الصديق الحقيقي أن يبتعد عن صديقه أو أن يتوقف عن السؤال عنه وعن الاطمئنان إليه والاتصال به، مهما باعدت الظروف والمسافات بينهم.
والصديق هو شخصٌ جديرٌ بالثقة، ويُمكن الاعتماد عليه في كل الظروف والمناسبات، فهو الذي يقف إلى جانب صديقهِ ؛ ليُدافع عنه بكل شراسة وعزيمة في حال تعرض لأي هجومٍ أو مشكلةٍ ما.
ولأنّ الصديق الحقيقي هو شخص صادق ويُحب الخير لصديقه، فهو يسعى وبشكلٍ دائم لتقديم النصيحة له؛ لإرشاده لطريق الحق والصواب، وتشجيعه على ترك المعاصي، والتقرّب من الله عزّ وجل عن طريق أداء جميع العبادات التي فرضها على الإنسان.
وعادةً ما يقوم الصديق بدعم صديقهِ وتقديم المساعدة والعون لهُ عندما يحتاج إليها بشكلٍ عفوي وسريع، من دون أن ينتظر أي مقابل مادي أو معنوي منهُ وذلك ؛ لأنّهُ يعد محبة صديقه له هي أكبر وأثمن من أي شيء آخر.
فالصداقة هي نعمة وعدة وزاد وليست شعاراً يُرفع أو كلمات نتظاهر بها، ولا رسائل عبر مواقع التواصل منزوعة الدسم! – على طريقة النسخ واللصق – بل هي شعور حقيقي متبادل، ومواقف عملية تلقائية وتصرفات عفوية غير مصطنعة، وتجرد من أي شائبة نفعية ابتداء!
هذه هي الصفات الأساس التي يتميّز بها الصديق الحقيقي، والتي تجعلهُ محبوباً ومميزاً وشخصاً لا يُمكن الاستغناء عنه في الحياة، وصدق لقمان بن عاد حين قال: ((رب أخ لم تلده أمك)) ، ولكن ولدته لك الايام، فإذا كان أجمل ما في الورد الرحيق ، فإن أجمل ما في الدنيا هو الصديق.
أ.م.د.حيدر أحمد حسين
كلية العلوم الإسلامية / جامعة ديالى