مقال بعنوان : المطر والغيث
المطر والغيث
ذكر المطر في القرآن الكريم بلفظ المطر تسع مرات وكلها في العذاب منها قوله تعالى: ((وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين))سورة النمل ، الآية58، اما الغيث فجاء في ثلاثة مواضع منها قوله تعالى ((وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد)) سورة الشورى،الآية 28، وهي دلالة خير دائما وهو استعمال قرآني معروف ، وفي هذه الأيام التي قل فيها الغيث نلتجأ الى من ينزل الغيث عله يسقينا سقيا خير يحيا بها الانسان والأرض والحيوان والنبات،قال تعالى: ((ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث..)) سورة لقمان،من الآية34 .
وكما لا تحلو ليالي الشتاء بدون دفء وسمر ،فكذلك لا يحلو الشتاء بلا صوت قطرات المطر تلك القطرات التي يشكل وقعها صورة الامل في النفس البشرية فتزهو الروح وتنتشي وتزهر في ربيع الحياة آمال الناس ويقبل الانسان على الحياة اقبال المحب الراضي المبتهج ، في هذه الأيام المجدبة التي عزت فيها شىآبيب الغيث تذكرت قول الشاعر عدنان الصائغ اذً وجد في غياب المطر فرصة ملائمة للتعبير عن المقولة الشهيرة (مصائب قوم عند قومٍ فوائدُ)، فيقول:
حين يموتُ المطرُ ستشّيعُ جنازتَهُ الحقولُ
وحدها شجيرةُ الصبير ستضحكُ في البراري
شامتةً من بكاءِ الأشجار
وهي صورة بديعة في التوصيف اذ يذكر الشاعر شجرة الصبير الصبورة ويعطيها صورة فنية ماثلة اذ تتمثل كأنها ضاحكة ملأ فيها على الأشجار اليانعة الغضة التي لا تقوى على احتمال العطش ، شجرة الصبير تعلمنا حكمة التكيف مع الظروف الصعبة والمجدبة، فهي على الرغم من قسوة البيئة الا انها يانعة بالخضرة مزهوة بقامتها المنتصبة في وسط الصحراء القاحلة .
ولا يمكن أن نتحدث عن شعراء العراق أو عن المطر ولا نذكر الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب وقصيدته البديعة أنشودة المطر:
تثاءب المساء ، والغيومُ ما تزالْ، تسحُّ ما تسحّ من دموعها الثقالْ .
كأنِّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينام، بأنَّ أمّه التي أفاق منذ عامْ
فلم يجدها، ثمَّ حين لجّ في السؤالْ، قالوا له : "بعد غدٍ تعودْ .. "لا بدَّ أن تعودْ
وإِنْ تهامس الرفاق أنهَّا هناكْ، في جانب التلّ تنام نومة اللّحودْ
تسفّ من ترابها وتشرب المطر؛ كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباك
ويلعن المياه والقَدَر، وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ .
مطر .. مطر ..
أ. د منشد فالح وادي
قسم العقيدة والفكر الإسلامي