هل من ناصر ينصرني؟ حين تصير الكلمات سيفاً يقطع صمت الدهور
بقلم✍️: أ.د.حيدر أحمد الزبيدي
لماذا يصيح الحسين (عليه السلام) “هل من ناصر ينصرني” الا يعلم بأنه لا يوجد احد لنصرته؟!
ليست صيحة الحسين في كربلاء مجرد نداء عابر يبحث عن يدٍ تُمسك بالسيف، بل هي قَدَرٌ مفتوح على كل الأزمنة، وصيحة أبدية تهزّ ضمائر الأحياء. حين قال: «هل من ناصر ينصرني؟» كان يعرف أن السيوف حوله قد خانت، وأن القلوب التي بايعته قد نكصت، لكنه كان يزرع صرخةً في ضمير الكون، لتبقى تتردّد في كل قلب لم يبع روحه للطغيان.
إنها ليست استغاثة الضعيف، بل نداء القائد الذي أراد أن يفرز الخلود من الفناء، وأن يُقيم الحجّة على العصور: من أنتم أمام الحق حين يصرخ في وجوهكم؟
كلُّنا اليوم نسمعها، لكن الفارق أنَّ بعضنا يسمعها بآذانه، وبعضنا يسمعها بدمه.
أن تنصر الحسين اليوم، لا يعني أن تحمل السيف، فالسيف قد صدئ منذ أن سُفكت دماؤه الطاهرة، بل أن تحمل موقفه حيث أنت: أن تكون عدلًا في زمن الظلم، وحقًّا في سوق الباطل، ونورًا في عالم يروّج للعتمة.
ها أنا أجيبك:
لبّيك يا حسين نصرتي لك هي أن أبقى كما أردت: حرًّا، عادلًا، نقيًّا، لا أبيع ديني ولا أساوم على الحق. إن سقطتُ، فلتشهد السماء أنني وقفت في صفك، حتى وإن كان الفاصل بيننا آلاف الأعوام .
صرخة الحسين لم تُطفئها الرمال، ولم تدفنها الخيول، بل جعلتها السماء أذانًا أبديًّا في وجدان الأمة: هل من ناصر؟
فمن أجاب، كُتب اسمه في سجلّ الفجر، ومن صمت عاش في هوامش التاريخ بلا ملامح.
