الجناحان الموعودان وعهد الوفاء الحسيني (ساقي العطاشى)
يقف التاريخ الاسلامي شاهدا على مواقف خالدة يتجلى فيها الايثار والشجاعة بأبهى صوره ولعل موقف أبا الفضل العباس بن علي بن ابي طالب (عليهما السلام) في العاشر من محرم مثالا من اسمى امثلة الايثار والشجاعة والفداء في سجل التاريخ الاسلامي ، بعد موقف ابيه علي ابن ابي طالب (عليه السلام ) عشية الهجرة النبوية الشريفة ، حين احاط المشركين بدار النبي محمد (صلى الله عليه وعلى اله وسلم ) عازمين على اغتياله فافتداه عليا (ع) لينام في فراشه ويصرف انظار الاعداء عنه مطمئن القلب مسترخصا روحه امام حياة الرسول الاكرم ليتكرر ذلك الموقف بعد اكثر من خمسة عقود مع ابنه العباس (ع ) في ملحمة الطف الخالدة 61 للهجرة ، فالمعروف ان العباس (ع ) اخا للحسين (ع) من ابيه وقد اشتهر بالقاب عديدة منها (قمر بني هاشم) لبهائه الأخاذ و(ساقي عطاشى كربلاء) لدوره البطولي في السعي لإرواء ظمأ اهل بيت الحسين ع رغم محاصرة الاعداء له ، حيث تمكن من الفرات وابى ان يروي عطشه وهو على ضفافه مستحضرا معاناة الحسين واطفاله فعاد ليخترق صفوف جيش الاعداء الكثيفة من اجل حمل القربة المملؤة بالماء اليهم حتى نال الشهادة بعد ان قطعت يمينه وشماله وهو يقاتل بعزيمة لا تلين لأخر رمق في روحه صائنا عهد الاخوة وموقف الولاء لسيده واخيه الحسين (ع)
لقد جسد ابا الفضل العباس ذروة التضحية والفداء اذ بذل مهجته هو واخوته عبدالله وعثمان وجعفر رضوان الله عليهم من اجل حماية القائد الالهي وحماية الرسالة المحمدية وتثبيت الحق في وجه الطغيان فصار رمزا خالدا للعطاء المطلق الذي لا تحده حدود ونموذجا يستضاء به في دروب الاخلاص والثبات على المبدأ خالدا في سجل الولاء والفداء ، حتى قال عنه الامام زين العابدين (ع) في احدى خطبه رحم الله عمي العباس فقد اثرى وابلى حتى قطعت يداه فابدله الله بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة .
أ.د شفاء رشيد حسن
