الإمام الحسين عليه السلام: ضمير الأمة الحيّ وصرخة الحق الخالدة
بقلم: الأستاذ الدكتور فاضل أحمد حسين
معاون العميد للشؤون العلمية والدراسات العليا
في ذاكرة الأمة، تبقى كربلاء ليست مجرّد واقعة تاريخية، بل رسالة خالدة اختزلت قيم العدالة، والكرامة، والتضحية، والتمسك بالمبادئ في وجه الطغيان والانحراف. ويقف في قلب هذه الرسالة الإمام الحسين بن علي عليه السلام، سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إمامًا وشهيدًا ورمزًا خالدًا للثبات على الحق.
لم يكن خروج الحسين عليه السلام طلبًا لملكٍ زائل أو رغبةً في سلطة، بل كان امتدادًا لرسالة جده المصطفى صلى الله عليه وآله في إصلاح الأمة، حين قال في وصيته: «إني لم أخرج أشِرًا ولا بطرًا، ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي». بهذه الكلمات، خطّ الإمام الحسين خطابه للأجيال، ووجّه ضمير الإنسان نحو الوقوف بوجه الظلم مهما كلف الأمر.
لقد جسّد الحسين عليه السلام أسمى معاني الإباء، حين وقف في كربلاء مع ثلّة من أهل بيته وأصحابه، مستعدًّا للموت على أن يُبايع الظالم، أو يُسكت عن باطل. ومهما تعددت القراءات التاريخية لتلك الواقعة، فإن الثابت أن الإمام الحسين قد رسم بدمه الطاهر طريقًا للإصلاح لا يموت، ومنح الشعوب إرثًا من الشجاعة والثبات والصبر.
إننا اليوم، ونحن في مواقعنا العلمية والأكاديمية، مدعوون أن نستمد من كربلاء دروسًا في المسؤولية الأخلاقية، وفي حمل الرسالة بصدق، وفي رفض التفريط بالمبادئ مهما كانت التحديات. فالحسين ليس ذكرى، بل هو وعيٌ دائم، واستنهاضٌ مستمر لضمائرنا كي لا نغفل عن جوهر الرسالة التي نحملها، علمًا وموقفًا وأخلاقًا.
ختامًا، تبقى كربلاء منارًا، ويبقى الإمام الحسين عليه السلام ضميرًا حيًّا، يشدّنا دومًا نحو التمسك بالحق، ونبذ الذل، وإحياء قيم العدل والإصلاح، في زمن باتت فيه المواقف الصادقة عملةً نادرة.
