مقال بعنوان: فضل العشر الأواخر من رمضان
الحمد للّه رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد…
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحيي العشر الأواخر من شهر رمضان ويوليها اهتماما شديدا، حيث يُضاعف اجتهاده في العبادات ويحرص على حث الناس على مرضاة الله سُبحانه وتعالى لتحصيل الحسنات والأجر والثواب.
ويتلخّص فضل وأهمية الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك بالنقاط التالية:
– فيها عتقٌ من النيران، لما ورد عن النبي ﷺ قوله أن رمضان أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار.
-هي فرصة أمام المسلم لتعويض أي تقصير حصل في أول وأوسط رمضان.
-فيها يلتمس المسلمون ليلة القدر وخاصةً في الليالي الفردية منها. وورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها: ”كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله”. فكان عليه الصلاة والسلام يسهر الليل في التعبد والصلاة وقراءة القرآن والدعاء.
-فيها نزل القرآن، لأن ليلة القدر التي نزل فيها القرآن هي في إحدى هذه الأيام.
-تنزّل فيها الملائكة لخصوصية ليلة القدر كما تتنزّل في كل رمضان.
ومن خصائص ليلة القدر التي ذكرت في القرآن الكريم مايأتي:
1– أنه أنزل فيها القرآن، ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 1].
2– ووصفت بأنها خير من ألف شهر في قوله تعالى: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 3].
3– ووصفت بأنها مباركة في قوله: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾ [الدخان: 3].
4– وأنها تنزل فيها الملائكة والروح؛ أي: يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة كما يتنزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحلق الذكر، والروح هو جبريل عليه السلام خصه بالذكر لشرفه.
5– ووصفت بأنها سلام؛ أي: سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا أو أذًى، وفيها السلامة من العقاب والعذاب بما يقوم به العبد من طاعة الله عز وجل.
6– وأن الله تعالى يغفر لمن قامها إيمانًا واحتسابًا ما تقدم من ذنبه.
وهناك الكثير من الأعمال المستحبة في هذه الأيام المباركة منها مايلي:
1. الاعتكاف: وهو التفرغ الكامل للعبادة، وأفضل أوقات الاعتكاف في العشرة الأواخر من شهر رمضان المبارك، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفي.
2. قيام الليل: تمتاز صلاة قيام الليل بفضلها العظيم ولاسيما في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، لما له من فضل عظيم في زيادة الحسنات ومغفرة الذنوب والمعاصي ورفع الدرجات وتطهير القلوب ونيل منزلة عظيمة في الدنيا والآخرة.
3. قراءة القرآن: يعد شهر رمضان أكثر شهر يفضل فيه الإكثار من تلاوة القرآن، وذلك لأهمية الشهر العظيم، ومضاعفة الثواب والأجر.
4. الإكثار من الصدقة والزكاة: إنّ الإنفاق في سبيل الله من أفضل الأعمال في شهر رمضان المبارك، خاصة في العشر الأواخر منه، فذلك يقرب قلوب الناس من بعضهم ويمنع الحسد، ويطهر النفوس من الشح والبخل.
5. الدعاء: وهو من أكثر العبادات المستحبة في شهر رمضان والعشر الأواخر، فالدعاء يُمكن أن يُغير القدر خاصةً عند الإلحاح في الطلب والدعاء بنفس صافية ويقين بأن الله تعالى سيستجيب في الوقت الذي يراه مناسباً.
6. الذكر والتهليل: يحب الله أن يذكره عباده في كل وقت وحين، والذكر في العشر الأواخر من رمضان له فضل عظيم على نفسية المسلم وإنزال السكينة والطاعة على روحه، واستشعار معية الله سبحانه وتعالى في كل وقت وحين.
7. الاغتسال والتطيّب: وذلك اقتداءً بالنبي عليه الصلاة والسلام وصحابته حيث قال ابن جرير: كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من العشر الأواخر، وكان النخعي يغتسل في العشر كل ليلة، ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر.
